dvdalmasry
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

المال الحلال لا يضيع

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1حصرى المال الحلال لا يضيع الأحد يونيو 01, 2008 2:39 pm

محمد السقا



خرج عمر بعد أن ألقى نظرة على أبنائه، وهم لا يزالون نيام في زاوية الغرفة المجاورة. وجد عمر صديقه علي صاحب الجرار الذي سيقيلهم إلى السوق:</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: السلام عليكم ورحمة اله وبركاته، صباح الخير علي.</SPAN></SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN>علي: صباح الخير أخي عمر كيف أصبحت؟</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN>عمر: الحمد لله بخير، ماذا حدث لك، لقد تأخرت عن الموعد هذا ليس من عادتك؟</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN>علي: أنا آسف أخي عمر، لقد غيرت أحد إطارات الجرار.</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: لنسرع، سنتأخر عن صلاة الجماعة.</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> علي: نعم، ساعدني لنضع البقرة بجانب المواشي الأخرى.</SPAN></SPAN> </SPAN>
بعد الانتهاء من عملهما أسرعا، عمر وعلي إلى المسجد الصغير الموجود في الطرف الشرقي من القرية، حيت توجد الطريق المؤدية إلى السوق الذي يقصدانه.</SPAN>
بعد أداء صلاة الصبح جماعة، استقل نفر من أهل القرية العربة التي يجرها الجرار، وركب عمر إلى جانب علي، وبعد ساعة من السير، وصلوا إلى مشارف السوق الأسبوعي، حيت العشرات من الناس يفدون على المكان من كل حدب وصوب، هناك من يركب دابته، ومن جاء ماشيا على الأقدام، ومن يستعمل دراجة نارية أو عادية، وهناك من يستقل شاحنة أو غيرها، بعدما أخد علي مكانه داخل ساحة السوق، وأنزل كل واحد مواشيه من العربة، دهب عمر في جولة، يتفقد أصدقاءه، وبعض أفراد عائلته ممن يقطنون في القرى المجاورة، ليلقي عليهم التحية و السلام، ويستشيرهم في بعض الأمور المشتركة بينهم، والمساعدات الممكن أن يقدمها كل واحد للآخر في جني المحاصيل، لأن موسم الحصاد كان على الأبواب.</SPAN>
وهو في جولته التقى عمر برجل غريب لم يسبق له أن رآه من قبل، كان رجلا أنيقا في هندامه، ومؤدبا في كلامه، ضنه عمر في أول وهلة أنه أحد أعيان المنطقة، لكنه يعرفهم جميعا، أو ربما هو أحد الموظفين الجدد بالدائرة، أو ربما هو من أهل الحضر جاء زائرا لسوق. ألقى الرجل التحية على عمر، فرد عمر بأحسنها،</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الغريب: أريد منك أن تعطيني شيئا من المال لأفطر، </SPAN></SPAN>
في سؤال مباشر لعمر، الذي استغرب كثيرا للأمر، فالرجل لا تبدو عليه سمات المتسولين، فأدخل عمر يده في جيبه و أخرج ورقة نقدية.</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: خد هذه عشرون درها هل تكفيك؟</SPAN></SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN>الغريب: نعم هي كافية شكرا لك أيها الكريم.</SPAN></SPAN> </SPAN>
وانصرف الرجل تاركا عمر تتقاذفه أمواج الحيرة والدهشة، يطرح السؤال تلوى الآخر، دون أن يجد الجواب، وبين ضجيج المتسوقين الذين امتلأت بهم ساحة السوق، نسي عمر الموضوع واتجه إلى حيت ترك علي بجوار المواشي، بعد عدة جولات، ومقاولات، ومقايضات، وجدال حول ثمن البقرة، بين عمر وبعض تجار المواشي، ابتاع عمر بقرته بثمن معقول، ما يربو على السبعة ألاف درهم، كان جد مسرور بهذه المعاملة، وخصوصا بعد تهنئته من طرف كل من عرف ثمن الصفقة، ومدح حنكته في فن البيع.</SPAN>
بين تزاحم المتسوقين، قام عمر بجولة بين الخيام، التي نصبها التجار لعرض بضائعهم المختلفة، فاشترى كل ما يلزم بيته من أشياء، واشترى كذلك بعض الفواكه الجافة التي يحبها أبناءه، مع بعض الملابس، وهو في طريقه إلى حيت مكان جرار علي، ليضع مشترياته داخل صندوق مخصص لذلك، مر عمر عند صديقه الجزار فابتاع منه كيلو من اللحم الطري ليشويه لغدائه مع علي.</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> علي: أين أنت يا رجل، فأنا أنتظر الوليمة، سأل علي عمر وهو يمازحه</SPAN></SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: لا تخف أيها الشره لم أنساك هيا لنتناول العداء سويتا</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> علي: أعرف بأنك رجل كريم، سألحق بك عند صديقنا صاحب المقهى بعد وضع الجرار في مكان آمن</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: أنا في انتظارك لا تتأخر وإلا لن أترك لك شيئا تأكله، </SPAN></SPAN></SPAN>
أجاب عمر ضاحكا وهو يبتعد عن الجرار بعدما وضع أغراضه ، واطمأن عليها، بعد حوالي نصف ساعة التحق علي بصاحبه الذي كان ينتظره، نادى عمر صاحب المقهى لإحضار الأكل، وطلب منه أن يهيئ لهم شاي بالنعناع كالعادة، كانت رائحة اللحم المشوي يسيل لها لعاب عمر وعلي اللذان أخد منهما الجوع مأخذه، وبعد انتهائهما من تناول الطعام وشرب الشاي، وأخذهما قسطا من الراحة، استأذن علي من عمر، ودهب ليجمع من يريد الرجوع معه من الناس لأن هذا هو عمله. بقي عمر بعض الوقت في المقهى إلى أن يحين وقت العودة إلى القرية، فأراد أن يدفع أجر صاحب المقهى ، فأدخل يده في جيبه، فتجمدت يده، وأحس برعشة انتقلت من أخمص قدميه في سرعة الضوء إلى رأسه، وبدأ العرق يتصبب من جبينه، وكل جسمه، فلعن الشيطان، وقال مع نفسه ربما أخطأت، فبحت في كل جيوبه كالأحمق، وهو يردد "لقد فعلوها، أبناء الحرام، لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد فعلوها"، فكاد أن يغمى عليه من شدة هول ما حدث له، فسأله صاحب المقهى:</SPAN>
- </SPAN></SPAN>ماذا بك يا عمر لقد تغير لونك، واصفر وجهك، هل أنت مريض؟ بماذا تحس ؟</SPAN></SPAN>
فلم يجبه عمر، الذي كان يردد بلا توقف " لقد فعلوها، أبناء الحرام، لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد فعلوها" وانطلق مسرعا يهرول كالمجنون، يمسك برأسه ويردد نفس الجملة حتى اختفى بين الحشود، لم يشعر عمر بنفسه، ولا بمن حوله حتى أنهكه التعب، فجلس في أحد المقاهي بالقرية التي يقام بجوارها السوق، وطلب كوب ماء، فأخذ يفكر كيف سرق منه ثمن البقرة التي باعها في الصباح، وعاد بذاكرته إلى كل الأشخاص الذين قابلهم، وكلمهم، أو صافحهم ، لعله يجد جوابا لآلاف الأسئلة التي تتزاحم في رأسه ، الذي يكاد أن ينفجر.</SPAN>
انتظر علي صديقه إلى وقت متأخر، بعدما انفض السوق ، ودهب كل واحد إلى غايته، وبعد أن يئس علي من عودة عمر، وإلحاح مرافقيه بالمغادرة لأن لهم أشغال تنتظرهم، اضطر علي الرضوخ لمطلبهم، وعاد إلى القرية بدون صديقه، وهو لا يدري ما الذي حدث له.</SPAN>
في هذه الأثناء كان عمر لا يزال جالسا بنفس المقهى ، فهو لا يقوى على السير من هول ما حل به، وصور الخيبة والضياع، والمحصول الذي سيصيبه التلف إن لم يحصد في وقته، وصور أخرى من كل الأنواع والأشكال، بقي على حاله طيلة اليوم لا يعرف ماذا يفعل وأين سيتجه، ولمن سيشتكي؟ </SPAN>
لعن عمر الشيطان واستعان بالله ، وذهب إلى مسجد القرية بعد أن توضأ، كان الوقت عصرا، ثم صلى الظهر الذي تذكر بأنه لم يصليه في وقته من شدة ما حصل له، وجلس في المسجد إلى أن يصلي العصر جماعة، وبعد الصلاة عاد عمر إلى المقهى وقد هدأ بعض الشيء دون أن ينطق كلمة واحدة، فصاحب المقهى سأله عدة مرات هل يرغب في شيء يحظره له ، ولكنه لم يكن يسمع أي شيء إلى أن سمع صوت المؤذن يؤدن لصلاة المغرب، فقام وتوضأ من جديد، ودهب إلى المسجد وصلى مع الناس، وعاد ليجلس في نفس المكان بالمقهى، وبينما هو شارد في التفكير، إذا بشخص يمسكه من كتفه، ويسأله:</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> ماذا تفعل هنا لقد تفرق السوق مند الصباح وكل الناس ذهبوا إلى منازلهم؟</SPAN></SPAN>
رفع عمر رأسه ليرى من يتحدث منعه، فإذا بعلامات الذهول تملأ وجهه، من؟ إنه الرجل الذي أعط له العشرون درها هذا الصباح، جلس الغريب بجوار عمر وسأله مرة أخرى :</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الغريب: لماذا أنت لا زلت هنا ولم تذهب إلى بيتك؟</SPAN></SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: كيف أعود إلى بيتي وبأي وجه سأقابل زوجتي وأولادي؟</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الغريب: ماذا وقع لك أخبرني ربما أساعدك؟</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: لقد سرقت هذا الصباح بعد أن بعت البقرة التي أملك من أجل توفير مال للحصاد</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الغريب: متى وأين حصل معك هذا؟ هل تتذكر شيئا؟</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: لست متأكدا ولكني اشك في غلام التطم بي هذا الصباح في المدخل الرئيسي لسوق</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الغريب: لا تهتم لها مدبر حكيم، انتظرني هنا سأعود إليك</SPAN></SPAN> </SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> عمر: ونم بالله، ليس لي مكان أذهب إليه فعقلي توقف عن التفكير.</SPAN></SPAN> </SPAN>
ابتعد الغريب عن وهو يبتسم قائلا لا تقلق قلت لك لها مدبر حكيم، لم يفهم عمر أي شيء مما حدث، بل لم يعره أي اهتمام، فماذا سيفعل هذا الرجل الذي يخدع بمظهره؟ وبعد حوالي نصف ساعة من ذهاب الغريب، جاء شاب إلى عمر فطلب منه أن يصاحبه إلى حيت ينتظره الرجل الذي أخد منه العشرون درهما هذا الصباح (الغريب)، ازدادت دهشة عمر، فهو لم يعد يفهم أي شيء، فلم يفكر كثيرا، ورافق الشاب الذي جاء على إثره، كان الفتى يسير بخطا سريعة وعمر يسير وراءه يجر رجليه من شدة التعب، أخد الفتى يسير به من مكان لآخر، ومن زقاق إلى الآخر، حتى لم يعد يدري عمر أين هو، ولا من أين دخل أو مر، فإذا بالشاب يدفع باب أحد البيوت ويختفي داخله، فتبعه عمر مسرعا، فإذا به داخل بهو كبير نصبت بوسطه مائدة وضع عليها كبش مشوي وبعض المقبلات، ومن أقصى البهو سمع عمر صوتا يعرفه، يطلب من الجلوس:</SPAN>
- </SPAN></SPAN></SPAN> الصوت: تفظل بالجلوس يا عمر، ومرحبا بك فأنت في بيتك.</SPAN></SPAN>
جلس عمر وهو لا يزال تحت تأثير الصدمة، فالصوت هو صوت الغريب، وماذا يفعل الغريب هنا؟ ومن هم هؤلاء الأشخاص، الذين يجلسون في احترام، وأدب؟ رغم أن أشكالهم لا تحي بأنهم ممن يتصرف بمثل هذه الأخلاق، اختلط على عمر الأمر كله، فإذا بالمزيد من الأفراد يلتحقون بالبهو، وكل من يدخل يفرغ ما بجيوبه فوق بساط بجانب المائدة، ففهم عمر بأنه بحضرة عصابة من اللصوص، وأن هذا هو وقت تقديم حصيلة اليوم إلى كبيرهم، الذي كان هو الغريب، كانت عين عمر على البساط وأخرى في من حوله من الرهط، فاختلط </SPAN>بداخله الخوف والفرح في نفس الوقت، فلم يصدق نفسه، ولم يستطع إمساك صرخته، حينما رأى الصرة التي كان يضع فيها ثمن البقرة، تتدحرج من فوق كومة من الأشياء، التي أحظرها أعضاء العصابة، قائلا هذا رزقي ورزق أولادي، فانطلقت قهقهات، وصرخات الحاضرين الضاحكة من تصرف عمر، فسأل الغريب الفتى الذي سرق عمر عن الذي حصل، فأخبر بالأمر كله بأدق التفاصيل، وعندها طلب الغريب من عمر أن يأخذ سرته، وأن يتأكد من محتواها، وهل ينقص منه شيء، ففعل عمر وشكر الغريب على صنيعه معه، وطلب الانصراف، فعرض عليه الغريب تناول العشاء معهم، لكن عمر استأذن منه بلطف، لأن الوقت متأخر، وأبناءه ينتظرونه، طلب الغريب من أحد رجاله أن يصاحب عمر إلى حدود مشارف قريته، وهو يودع عمر قال له الغريب: المال الحلال لا يضيع من صاحبه يا عمر.

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى