dvdalmasry
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الإسلام في زمن العولمة وعصر الهجوم على الإسلام

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

ahmedmody



--------------------------------------------------------------------------------

يقول الشيخ الغزالي ـ عليه رحمة الله ـ: >إن قراءة النصوص ـ وبخاصة السنن ـ دون معرفة الملابسات التي أملت بها ليست باباً إلى العلم الصحيح، ولا وسيلة إلى التربية الجيدة<(30)· والحق أن مراعاة الأحوال المختلفة للسائلين لا يصلح له أي داعية فضلا عن عموم الناس، إن ذلك يحتاج إلى الاطلاع الواسع والواعي لإجابات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المختلفة للسائلين وملابساتها، والإحاطة بالآثار التي تحدثت عن ذلك، ثم استيعاب العلوم التي تتعلق بالإنسان مثل علم النفس والاجتماع وغيرهما، بالإضافة إلى ذكاء العقل ونقاء القلب، وقبل هذا وذاك توفيق الله تعالى وتسديده· خامسا: تجنب الجدل والنقاشات الحادة

الجدل قرين الضلال، وما ضل قوم بعد هدًى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، وما يجوز لأمة تؤكل من يمين وشمال وتنهش فيها الذئاب من كل جانب أن تشغل نفسها بالجدل والخوض في الخلافيات والنقاشات الحادة، وإذا كانت قاعدة المنار الذهبية التي تقول: >نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه< ـ مما يجوز فيه الخلاف بالطبع ـ معمولا بها في حال الترف الفكري وقوة الأمة واستقلاليتها، فإن العمل بها والأمة على ما نرى ونسمع ألزم وأوجب·

ويرى داعيتنا أن مصدر هذا الجدل هو الإبقاء على الكلاميات التي دارت رحاها بين الفرق الأولى للمسلمين من مرجئة ومشبهة ومعطلة ومعتزلة وغيرها، ثم تدريس هذا الجدل للعامة من المتعلمين، والعامة من الرعاع، والغفلة عما سيخلفه من آثار سيئة·

إن في القرآن آيات وعد ووعيد، ولو تركت في مجراها الطبيعي لأدت رسالتها الحقة في توجيه النفوس إلى الخير، ولحفظت على المسلمين قوتهم ودولتهم(31)

· هذا نوع من الجدل يبدد طاقات شباب العلم وشيوخه في الهواء، فهم يتحدثون في غير حديث، ويقاتلون في غير معركة، ولا ينفضُّون إلا عن الكراهية والبغضاء والفرقة فيما بينهم· ونوع آخر من الجدل وهو الخوض في الفرعيات، والوقوف على حرفيتها دون النفوذ إلى فحواها ومقصدها، وهذا النوع له هواته المحترفون الذين تنحصر قضاياهم في مسائل فقهية فرعية معروفة، اختلفت فيها الأمة من بعيد، وهي مختلفة فيها اليوم، ولن يزال الخلاف فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها·

وعند الشيخ الغزالي أن الاهتمام بهذه اللاأهميات ـ إن صح التعبير ـ كان خطة ماكرة لصرف العامة عن النقد السياسي ومتابعة الأخطاء التي أودت بالدولة الإسلامية قديما، ويبدو أن الخطة لا تزال تنفذ إلى الآن(32)·

مع أن اختلاف الآراء وتباين المذاهب شيء لا يمكن تجاهله، ولا الفرار منه، فتلك سنَّة لله في النصوص والعقول، كما أن الخلاف لا يُحَل بالسفاهة والعصيّ، وإنما يحل بالتعاون على المتفق عليه، والتماس العذر للمخالف، وكم من ميدان عمل الآن يخلو من الرجال؛ لأن الرجال ـ كما يقول الشيخ ـ يتهارشون في ميدان الكلام حول بعض الفروع التي لا تجدي على الإسلام شيئا(33)·

فلابد من منع هذا الجدل ـ وخيم العواقب ـ وقبول جميع المذاهب الفقهية المعروفة والاهتمام بتحريك قافلة الإسلام التي توقفت في وقت تقدم فيه حتى عبيد البقر، وتكريس الجهود والأوقات لرد العدوان على ديننا، وإعادة بناء أمتنا على قواعدها الأولى، فإن الجدل والخلاف الفقهي بهذا الشكل يتحول إلى عناد شخصي، ثم إلى عداء ماحق للدين والدنيا(34)·

سادسا: عدم إهمال النساء: تشكل المرأة مساحة واسعة من خارطة الفكر لدى الشيخ الغزالي، حتى أفرد لها كتابا كاملا سماه: >قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة<، ولا غرو، فأول من آمن على الإطلاق امرأة، وأول شهيدة في الإسلام امرأة، وقد شهدت المرأة بيعة العقبة الكبرى، ودافعت أشرف دفاع عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معاركه المختلفة، وقاتلت قتال الأبطال في البر والبحر· إن التلطف مع الإناث والرفق بهن ـ عند الشيخ ـ آية اكتمال الرجولة ونماء فضائلها، وهو أدب يبذل للنساء عامة سواء كن قريبات أم غريبات كبيرات أم صغيرات، ومع استقامة الفطرة الإنسانية قلما يتخلف هذا المسلك العالي(35)·

والنساء ـ في فكره يرحمه الله ـ مكلفات مثل الرجال، وما من شيء يقوم به الإسلام وتعتز به أمته وكلف به مسلم إلا كلفت المسلمة بمثله، غير أمور محصورات استثنيت النساء منها، ولا تهدم أصل المساواة في التكاليف الشرعية، لكن تقاليد الشرق التي حصرت وظيفة المرأة في المتاع الحيواني قلما تهتم بهذه التكاليف(36)·

إن مجتمعاً من المجتمعات لن تكتمل حياته إلا بشقيه الذكر والأنثى، ولا يتصور مجتمع صالح عندما تكون المرأة حيوانا يُحسن تقديم الأكل والمتعة وحسب(37)· إن أي مطالع للقرآن الكريم والسنن الصحاح يرى المرأة جزءاً حياً من مجتمع حي، فهي تتعلم وتتعبد وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتجاهد ـ إذا شاءت ـ في البر والبحر، وتؤخذ منها البيعة على معاقد الإيمان والأخلاق، وتعارض الحكم أو تؤيده(38)·

ويرى الشيخ أن أشرف وظائف المرأة وأرقى أعمالها هي وظيفة >ربة البيت< ما لم تُخرجها ضرورة ملجئة؛ لأنها إنشاء الحياة وصيانتها وتعهدها حتى تؤدي رسالتها كاملة(39)· كما يدعو إلى تعليمها وتثقيفها حتى تكون على وعي بالقضايا العامة والخاصة، وتُشرف إشرافا منتجاً على تربية أبنائها(40)·

ويحمل حملة لا هوادة فيها على الذين يرون أن صوت المرأة عورة، ويمنعون النساء من المساجد(41)، ويرون وجوب حبسهن في البيوت، فلا يخرجن إلا إلى بيت زوجها أو إلى قبرها(42)· ونفس الحملة يحملها على الحضارة الغربية التي تريد أن تنزعها من تقاليدها المحترمة، وتجعلها لحماً يغري العيون الجائعة، فدعاة السفور يقودونها إلى جاهلية حديثة، ودعاة الحجاب يردونها إلى جاهلية قديمة(43)·

إن نموذج المرأة الفلسطينية المجاهدة التي قدمت زوجها وولدها وأخاها وأباها في سبيل الله، ثم جادت هي بنفسها، هذا النموذج جدير أن يعيد للمرأة مكانتها التي قررها لها الإسلام منذ جاء، وحري أن يعيد لها تاريخها الإسلامي ومكانتها في الإسلام، ولا يدع مجالاً لتأويل الجاهلين، أو تحريف الغالين، أو انتحال المبطلين·

وبعد، فلا يطل الحديث أكثر من هذا، فإن الحديث عن أي قضية في فكر الشيخ الإمام مُستدرِج وأخَّاذ، وهذه المرتكزات التي تحدثت فيها عن سلامة الطريقة والمنهج في الدعوة لم تُوفَّ حق توفيتها، بل إن الباحث في كتب الشيخ سيجد لها أفكاراً أخرى تحت كل مرتكز، فضلاً عن أنه سيجد من المرتكزات غير ما ذكرنا الكثير والكثير، ولعل الأطاريح الجامعية قد تناولتها بما يليق ومكانة الشيخ وعلمه·

والحق أنني عند البحث عن فكرة من الأفكار في كتبه أجد أمامي نصوصا كثيرة، كلها يتناول الموضوع الواحد بأساليب مختلفة، وصور متنوعة، وكلها معبر ورائع، فيحتار المرء: أيها يأخذ، وأيها يدع، وكم يأخذ منها، وكم يترك، فما الحال والحديث عن الدعوة وطريقتها عنده؟ فالغزالي رجل دعوة وداعية إصلاح بالدرجة الأولى، فلا يصدق عليه لفظ >فقيه<، وإن كانت له مشاركات وآراء يداني بها أئمة الاجتهاد، ولا يصدق عليه لفظ >محدِّث<، وإن كان له منهجه في أخذ الأحاديث وردها، ولا يصدق عليه لفظ >مفسِّر< وإن كان رائد اتجاه في تفسير القرآن، هو التفسير الموضوعي، إن أصدق كلمة تلخص شخصية الشيخ الغزالي ـ يرحمه الله ـ هي أنه >رجل دعوة< وكفى·

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى